ارتفاع قوي في إنفاق المستهلك الأمريكي وتباطؤ في التضخم الأساسي قبيل تطبيق التعريفات الجمركية
ارتفاع قوي في إنفاق المستهلك الأمريكي وتباطؤ في التضخم الأساسي قبيل تطبيق التعريفات الجمركية
سجل إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة ارتفاعًا حادًا خلال شهر مارس، في الوقت الذي أظهر فيه مؤشر التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي تباطؤًا ملحوظًا، وهو ما يعد فرصة مؤقتة قبل أن تبدأ التعريفات الجمركية الجديدة في دفع الأسعار للارتفاع مجددًا.
ووفقًا لبيانات مكتب التحليل الاقتصادي الصادرة يوم الأربعاء، ارتفع الإنفاق الاستهلاكي المعدل حسب التضخم بنسبة 0.7% خلال مارس، وهو أعلى معدل منذ مطلع عام 2023، في إشارة إلى أن المستهلكين سارعوا بالشراء قبل بدء تنفيذ الرسوم الجمركية الجديدة.
في الوقت نفسه، لم يسجل مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) أي تغيير على أساس شهري — وهو ما يحدث لأول مرة منذ نحو عام. أما المؤشر الأساسي للمؤشر نفسه — الذي يستثني الغذاء والطاقة — فقد بقي مستقرًا أيضًا، وهو أهدأ وتيرة له منذ ما يقرب من خمس سنوات.
إنفاق قوي وتضخم هادئ
تكتمل بهذه البيانات صورة الربع الأول من العام، الذي شهد انكماش الاقتصاد الأمريكي لأول مرة منذ عام 2022، نتيجة زيادة هائلة في الواردات قبيل فرض التعريفات وتراجع نسبي في الإنفاق الاستهلاكي. وأظهر تقرير آخر يوم الأربعاء أن التضخم الأساسي في مؤشر PCE خلال الربع الأول تسارع إلى 3.5%، وهي أعلى وتيرة في عام.
ورغم ذلك، تراجعت مؤشرات الأسهم الأمريكية، حيث بقي مؤشر S&P 500 منخفضًا، في حين تراجع العائد على سندات الخزانة لأجل عامين، وارتفع الدولار.
ويعكس هذا المزيج من تباطؤ التضخم واستمرار الإنفاق وضعًا اقتصاديًا جيدًا قبل أن تبدأ آثار رسوم ترامب الجمركية في الظهور. ويتوقع الخبراء أن تؤدي السياسات التجارية إلى عودة ضغوط الأسعار، مما قد يحد من شهية المستهلكين للإنفاق.
مخاوف من تضخم وركود في آنٍ واحد
هناك احتمال كبير أن تؤدي التعريفات إلى خلق بيئة تضخمية مع إبطاء النمو الاقتصادي في الوقت ذاته، وهو ما يعقّد مهمة الاحتياطي الفيدرالي في تحقيق توازن بين كبح التضخم والحفاظ على سوق العمل
ورغم الضغوط السياسية التي يمارسها الرئيس ترامب على صانعي السياسات النقدية من أجل خفض الفائدة لدعم النمو، فإن مسؤولي الفيدرالي أشاروا إلى أنهم لن يتسرعوا في اتخاذ أي قرار بشأن الفائدة، بانتظار اتضاح آثار السياسات التجارية على الاقتصاد.
دخول قوي للرواتب الحقيقية ودفع للإنفاق
وكان من بين العوامل التي دعمت الاقتصاد في مارس تسجيل أقوى ارتفاع في الدخل الحقيقي المتاح منذ أكثر من عام، ما ساهم في تعزيز الإنفاق، لا سيما على السيارات والسلع المعمرة، والتي سجلت أعلى زيادة منذ أوائل 2023. كما انتعش الإنفاق على الخدمات، خاصة في قطاع المطاعم.
وشهد التقرير أيضًا بعض الانفراج على صعيد التضخم؛ إذ انخفضت أسعار السلع باستثناء الغذاء والطاقة للمرة الأولى هذا العام. كما بقيت أسعار الخدمات الأساسية (باستثناء السكن والطاقة) دون تغير يُذكر، في أهدأ وتيرة لها منذ عام 2020.
الشركات بين تمرير التكاليف أو امتصاصها
من المتوقع تقوم الشركات بنقل جزء من تكلفة الرسوم الجمركية إلى المستهلكين، إلا أن بعض تجار التجزئة قد يضطرون لامتصاص جزء من تلك التكاليف نظرًا لإرهاق المستهلكين بعد سنوات من التضخم المرتفع.
شركات مثل "شي إن" و"بروكتر آند جامبل" بدأت بالفعل في رفع الأسعار أو تخطط لذلك. في المقابل، تراجعت شركات أخرى كبرى مثل "أمريكان إيرلاينز" و"جنرال موتورز" عن إصدار توقعات مستقبلية في ظل الضبابية الحالية.
وتراجع معدل الادخار إلى 3.9%، بعد قفزة في بداية العام، في حين ارتفعت الأجور والرواتب الاسمية بنسبة 0.5%.
تركيز على سوق العمل
ستكون بيانات سوق العمل المقرر صدورها يوم الجمعة ذو اهتمام كبير جدًا، حيث دعم نمو الأجور استقرار الإنفاق الاستهلاكي في السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من أن السوق يظهر مؤشرات على تباطؤ نسبي، إلا أن التقرير المرتقب يوم الجمعة من وزارة العمل يُتوقع أن يُظهر إضافة عدد جيد من الوظائف في أبريل مع استقرار معدل البطالة.
