الربع الثالث من عام 2024 يشهد تطورات كبيرة في سوق الذهب العالمي

شهد الربع الثالث من عام 2024 تطورات كبيرة في سوق الذهب العالمي، حيث تم تسجيل أسعار قياسية وتحول واضح في ديناميكيات الطلب عبر مختلف القطاعات. ارتفع إجمالي الطلب على الذهب بنسبة 5% على أساس سنوي ليصل إلى 1,313 طنًا، وهو أعلى مستوى تم تسجيله على الإطلاق للربع الثالث. ورافق ذلك ارتفاع بنسبة 35% في قيمة الطلب على الذهب، متجاوزًا حاجز 100 مليار دولار لأول مرة على الاطلاق.
العوامل الرئيسية للطلب العالمي على الذهب
الطلب الاستثماري:
شهد الطلب الاستثماري أكبر زيادة، حيث تضاعف أكثر من الضعف على أساس سنوي ليصل إلى 364 طنًا، مدفوعًا أساسًا بتدفقات صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب (ETFs) والاستثمار خارج السوق.
ساهمت تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة بـ 95 طنًا، وهو أول ربع إيجابي منذ الربع الأول من عام 2022، مما عكس التدفقات الخارجة في الربع الثالث من عام 2023.
على الرغم من زيادة الطلب على صناديق الاستثمار المتداولة، انخفض الاستثمار في سبائك الذهب والعملات بنسبة 9% ليصل إلى 269 طنًا، ويرجع ذلك أساسًا إلى الانخفاض في الصين وتركيا، بينما شهدت الهند أداءً قويًا خلال هذا الربع.
الطلب على المجوهرات:
انخفض الطلب على المجوهرات الذهبية بنسبة 12% ليصل إلى 459 طنًا، بسبب الأسعار المرتفعة التي أثرت على قدرة المستهلكين على الشراء. وعلى الرغم من انخفاض حجم عمليات الشراء، زادت قيمة الطلب على المجوهرات بنسبة 13% لتتجاوز 36 مليار دولار بسبب الأسعار المرتفعة.
كانت الهند استثناءً، حيث زاد الطلب على المجوهرات بنسبة 10% بسبب تخفيض الرسوم الجمركية على واردات الذهب، مما شجع على الشراء بأسعار أقل.
الطلب من البنوك المركزية:
تباطأت مشتريات البنوك المركزية إلى 186 طنًا في الربع الثالث، بانخفاض قدره 49% على أساس سنوي. ومع ذلك، بلغ إجمالي المشتريات خلال العام 694 طنًا، وهو ما يتماشى مع نفس الفترة من عام 2022. وكان البنك الوطني البولندي من أكبر البنوك المركزية التي قامت بالشراء ، حيث أضاف 42 طنًا إلى احتياطياته.
الطلب في القطاع التكنولوجي:
نما الطلب على الذهب في التكنولوجيا بنسبة 7% ليصل إلى 83 طنًا، مدفوعًا بشكل أساسي بقطاع الإلكترونيات، الذي ارتفع بنسبة 9% ليصل إلى 69 طنًا، نتيجة التبني المستمر للذكاء الاصطناعي واستمرار التطوير في قطاع الإلكترونيات.
مستويات العرض
ارتفع إجمالي المعروض من الذهب بنسبة 5% ليصل إلى 1,313 طنًا، مدفوعًا بالإنتاج القياسي من المناجم وزيادة إعادة التدوير.
إنتاج المناجم:
بلغ إنتاج المناجم مستوى قياسيًا للربع الثالث عند 990 طنًا، بزيادة 6% على أساس سنوي، مع مساهمات كبيرة من كندا، المكسيك، إندونيسيا، وروسيا.
إعادة التدوير:
ارتفع حجم الذهب المعاد تدويره بنسبة 11% ليصل إلى 323 طنًا، بسبب الأسعار المرتفعة للذهب، مما دفع إلى زيادة نشاط إعادة التدوير في جميع الدول.
توقعات الربع الأخير من عام 2024
من المتوقع أن تؤثر عدة عوامل على سوق الذهب:
استمرار الأسعار المرتفعة:
مع استمرار الأسعار عند مستويات قياسية، يُتوقع أن يبقى الطلب الاستثماري قويًا، خاصة مع التوترات الجيوسياسية وتغيرات السياسة النقدية التي تدعم شراء أصول الملاذ الآمن.
مشتريات البنوك المركزية:
من المتوقع أن تظل مشتريات البنوك المركزية إيجابية، رغم أنها قد تكون أقل من المستويات القياسية في السنوات السابقة.
الطلب على المجوهرات:
من المرجح أن تظل الأسعار المرتفعة عائقًا أمام الطلب على المجوهرات، ولكن قد تساهم العوامل الموسمية مثل رأس السنة الصينية في دعم الطلب خلال الربع الأخير من هذا العام.
ومن خلال البيانات السابقة نستنتج أن الربع الثالث من عام 2024 سلط الضوء على مرونة سوق الذهب في ظل الأسعار القياسية، وعدم اليقين الجيوسياسي، والتحولات الاقتصادية. لا يزال الذهب أداة مفضلة للمستثمرين والبنوك المركزية والمستهلكين، ويبقى عنصرًا أساسيًا في الأسواق المالية العالمية.
من الناحية الفنية لا تزال أسعار الذهب أعلى متوسطات 55/100/200 يوم وهو ما يدعم النظرة الشرائية على المدى الطويل، إضافة إلى استقرار الأسعار فوق مستويات دعم هامة وهي 2757 / 2719 دولار للأونصة وهو ما يشجع عمليات الشراء من هذه المستويات في حال حدوث تصحيح قد ينتج عن عمليات جني أرباح لاستهداف مستويات 2800 دولار للأونصة خلال الأسابيع القادمة.
