الاحتياطي الفيدرالي يبقي أسعار الفائدة دون تغيير وسط ضبابية سياسية واقتصادية
قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أمس الأربعاء الإبقاء على سعر الفائدة الأساسي دون تغيير، وسط حالة من الترقب بشأن توجهات إدارة الرئيس ترامب التجارية وتأثيرها على اقتصاد يُظهر علامات تباطؤ.
وفي خطوة كانت متوقعة إلى حد كبير في ظل حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي السائدة، أبقى "لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية" على نطاق سعر الفائدة بين 4.25% و4.5%، وهو المستوى المعتمد منذ ديسمبر الماضي.
وقد أشار بيان ما بعد الاجتماع إلى ارتفاع مستويات حالة عدم اليقين، مؤكداً أن ذلك أصبح عاملاً مؤثراً في قرارات السياسة النقدية.
وجاء في البيان:
"ازدادت حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية"،
"اللجنة تتابع عن كثب المخاطر المتعلقة بالأهداف المحددة لها من حيث سوق العمل والتضخم، وتعتبر أن احتمالات ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع التضخم قد سجلت ارتفاعًا."
ورغم أن البيان لم يتطرق بشكل مباشر إلى مسألة التعريفات الجمركية، إلا أن رئيس الفيدرالي جيروم باول تناولها في المؤتمر الصحفي الذي أعقب الاجتماع.
ورغم أن أسواق الأسهم تراجعت مؤقتاً عقب إعلان القرار، فإنها تعافت لاحقاً، حيث أغلق مؤشر داو جونز على ارتفاع بنحو 300 نقطة، رغم القلق حيال تحذيرات الفيدرالي من تزايد المخاطر الاقتصادية.
بيان الفيدرالي لشهر مايو يحذر فعلياً من أن صدمة تجارية كبيرة لا تزال تلوح في الأفق، رغم محاولات إدارة ترامب التهدئة، ويشير إلى أن المخاطر باتت مزدوجة، دون أن يظهر أي ميول واضحة نحو خفض الفائدة في يونيو."
خطر محتمل لسيناريو الركود التضخمي
أصبحت معادلة الموازنة بين هدفي الفيدرالي — "التوظيف الكامل" و"استقرار الأسعار أو ما يعرف بالتضخم" — أكثر صعوبة في ظل تصعيد ترامب لحرب الرسوم الجمركية، والتي قد تدفع التضخم للارتفاع، وتؤدي إلى تباطؤ النمو في الوقت ذاته، مما يفتح الباب لسيناريو "الركود التضخمي"، الغائب عن الاقتصاد الأمريكي منذ ثمانينيات القرن الماضي.
ومع ذلك، يرى صناع السياسة النقدية أن وضع الاقتصاد لا يزال جيدًا بما يكفي لاتباع سياسة التريث والحذر.
وقد شدد باول على هذا التوجه خلال المؤتمر الصحفي، قائلاً:
"الاقتصاد لا يزال في حالة جيدة."
يأتي ذلك بينما تنخرط الإدارة الأمريكية في مفاوضات تجارية مع شركاء رئيسيين خلال فترة تفاوضية مدتها 90 يوماً بدأت في أبريل، حيث فرض ترامب تعريفات عامة بنسبة 10% على الواردات، وهدد برسوم إضافية "متبادلة" حسب تطورات المحادثات.
ورغم تقلب التصريحات الإعلامية المتعلقة بالحرب التجارية، لا تزال مؤشرات النمو والتضخم وثقة المستهلكين والشركات تظهر إشارات متباينة.
فقد انكمش الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 0.3% في الربع الأول من العام، نتيجة تباطؤ إنفاق المستهلكين والحكومة، وزيادة كبيرة في الواردات تحسباً للتعريفات. ومع ذلك، من المتوقع أن يعود الاقتصاد الأمريكي إلى النمو مرة أخرى خلال الربع الثاني من العام.
ولفت البيان إلى أن "التقلبات في صافي الصادرات أثرت على البيانات"، لكنه أصر على وصف الاقتصاد بأنه "يواصل النمو بوتيرة جيدة".
وفي حين أن سوق العمل لا يزال متماسكاً، حيث أضاف الاقتصاد 177 ألف وظيفة في أبريل، واستقر معدل البطالة عند 4.2%، فإن ذلك يمنح الفيدرالي مساحة لمواجهة أي تباطؤ قادم.
من ناحية أخرى، يسجل التضخم تباطؤًا ويقترب من هدف الفيدرالي عند 2%، رغم أن التعريفات مرجح أن تتسبب في زيادة مؤقتة في الأسعار.
ويُظهر مؤشر التضخم المفضل للفيدرالي أن التضخم العام بلغ 2.3%، و2.6% على "الأساسي" الذي يستثني الغذاء والطاقة.
المفاوضات التجارية تحت المجهر
ساهمت مؤشرات التقدم في المفاوضات الأخيرة وتراجع حدة خطاب الإدارة الأمريكية في تهدئة الأسواق، بعد موجة بيعية حادة أعقبت إعلان ترامب في 2 أبريل عن "يوم التحرير".
ورغم ذلك، لا تزال استطلاعات رأي الأعمال تظهر قلقًا مرتفعًا بشأن الإمدادات والتكاليف المرتبطة بالتعريفات.
أما توقعات السوق بشأن الفيدرالي، فلا تزال متقلبة.
فقد أظهرت التسعيرات قبيل الاجتماع احتمالاً شبه معدوم لخفض الفائدة في مايو، وأقل من 30% لاحتمال حدوثه في يونيو، مع توقعات بحدوث أول خفض فعلي في يوليو. ويتوقع المتداولون ثلاثة قرارات بالخفض هذا العام ولكن احتمالية خدوث ذلك باتت ضعيفة جدًا.
ويؤثر سعر الفائدة الأساسي ليس فقط على الإقراض بين البنوك، بل يمتد أثره إلى القروض العقارية، وقروض السيارات، وبطاقات الائتمان.
هذا وقد استقرت تداولات الدولار قرابة المستوى 100.80 ومن المتوقع أن يسجل الدولار ارتفاعًا في حال اختراق مستوى المقاومة 100.40 متجهًا إلى المستوى 101.40 خلال الساعات القادمة.
