مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي لشهر نوفمبر يطابق التوقعات، ولكن عوامل التعديل الموسمي تثير التساؤلات
أظهرت بيانات مؤشر أسعار المستهلك (CPI) في الولايات المتحدة لشهر نوفمبر 2024 نتائج متماشية إلى حد كبير مع التوقعات، مما يعزز احتمالية قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماعه الأسبوع المقبل. حيث سجل كل من مؤشر الأسعار العام والأساسي ارتفاعًا بنسبة 0.3% على أساس شهري (مع التعديل الموسمي)، وهو ما تطابق مع التوقعات. ومع ذلك، فإن التقلبات في عوامل التعديل الموسمي قد لعبت دورًا كبيرًا وربما أدت إلى ارتفاع التضخم الأساسي.
استقرار في التضخم العام والأساسي
للمرة الرابعة على التوالي، سجل مؤشر أسعار المستهلك الأساسي زيادة بنسبة 0.3% على أساس شهري، مما يشير إلى اتجاه مستقر. هذه النتيجة متماشية مع توقعات المؤسسات الكبرى وتعكس ضغوطًا سعرية معتدلة في بعض القطاعات. ومع ذلك، يحذر المحللون من أن هذا الاستقرار الظاهري قد يخفي تشوهات كبيرة ناتجة عن عوامل التعديل الموسمي التي تميزت بها فترة ما بعد الجائحة.
دور عوامل التعديل الموسمي
تلعب عوامل التعديل الموسمي دورًا حاسمًا في تفسير بيانات مؤشر أسعار المستهلك، حيث تساعد على عدم أخذ التغيرات الموسمية المتوقعة في الاعتبار. ومع ذلك، منذ الجائحة، أدت هذه العوامل إلى إدخال تحيزات كبيرة. وبدون هذه التشوهات، كان من الممكن أن يُسجل التضخم الأساسي في نوفمبر أقرب إلى 0–0.2% على أساس شهري، مما يبرز احتمال ارتفاع بيانات التضخم في الأشهر الأخيرة.
أبرز النقاط:
- شهدت أكبر خمس تشوهات في عوامل التعديل الموسمي لمؤشر الأسعار الأساسي خلال فترة الجائحة.
- تشير عوامل التعديل الموسمي السابقة للجائحة إلى أن التضخم في نوفمبر كان سيكون أقل بكثير، مما يثير تساؤلات حول دقة البيانات الحالية.
كان رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول قد أكد سابقًا على أهمية تسوية البيانات خلال الشهور الأخيرة لإعطاء نظرة أكثر دقة. ومع ذلك، فإن الإشارات المختلطة الناتجة عن عوامل التعديل الموسمي على مدار العام جعلت تفسير اتجاهات التضخم أكثر تعقيدًا.
ارتفاع أسعار الإسكان: بوادر تباطؤ الأسعار
أظهرت تكاليف السكن، وهي أحد المحركات الرئيسية للتضخم في الأشهر الأخيرة، علامات على التراجع:
- ارتفع الأسعار بنسبة 0.3% على أساس شهري (مع التعديل الموسمي)، ولكن الإيجار الأساسي وتكاليف "الإيجار المكافئ للمالكين" ارتفعت فقط بنسبة 0.2% لكل منهما.
يشير ذلك إلى أن التراجع المتوقع في التضخم المرتبط بالإسكان، مدفوعًا بانخفاض الإيجارات في السوق، قد بدأ في الظهور. ومع ذلك، لا يزال من المبكر تحديد ما إذا كان هذا الاتجاه سيستمر.
استمرار أسعار الخدمات الأساسية عند مستويات مرتفعة
رغم التحسن في تكاليف السكن، إلا أن ارتفاع أسعار الخدمات الأساسية باستثناء السكن والخدمات المرتبطة بالطاقة لا يزال مصدر قلق:
- ارتفعت أسعار الخدمات الأساسية بنسبة 4.2% على أساس سنوي معدل موسميًا، مما يشير إلى استمرار تماسك الأسعار عند مستويات مرتفعة.
يشكل هذا التوجه تحديًا لجهود الاحتياطي الفيدرالي في تحقيق أهدافه المتعلقة بالتضخم.
عوامل أخرى تؤثر على التضخم
أظهرت مكونات مؤشر أسعار المستهلك اتجاهات متباينة:
- أسعار الوقود: ارتفعت بنسبة 0.6% على أساس شهري، مما يعكس التقلبات في أسواق الطاقة.
- أسعار السلع الأساسية: ارتفعت بنسبة 0.3%، مما ساهم في زيادة معتدلة في الأسعار.
- أسعار المواد الغذائية:
- ارتفعت أسعار الطعام خارج المنزل بنسبة 0.3%، مما يشير إلى استمرار التضخم في قطاع الخدمات.
- شهدت أسعار البقالة (الطعام في المنزل) زيادة بنسبة 0.4%، وهي أعلى من المتوسط العام.
- أسعار الملابس: ارتفعت بشكل طفيف بنسبة 0.2%، دون تأثير كبير على المؤشر العام.
تأثير البيانات على سياسة الاحتياطي الفيدرالي
تدعم بيانات مؤشر أسعار المستهلك لشهر نوفمبر التوجه نحو خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي المقبل. ومع ذلك، فإن التشوهات الناتجة عن عوامل التعديل الموسمي تجعل تقييم اتجاهات التضخم أكثر تعقيدًا. سيحتاج الاحتياطي الفيدرالي إلى الموازنة بين المخاطر المحتملة الناتجة عن التقديرات المبالغ فيها أو المتواضعة للتضخم.
التطلعات المستقبلية: مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي
تتجه الأنظار حاليا الآن إلى مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي (PCE)، الذي يُعتبر المقياس المفضل للاحتياطي الفيدرالي لتقييم التضخم. بناءً على مكونات مؤشر أسعار المستهلك، يُقدر التضخم الأساسي لنفقات الاستهلاك الشخصي مبدئيًا بنسبة 0.2% على أساس شهري، مع انتظار بيانات مؤشر أسعار المنتجين (PPI). وعلى الرغم من أن بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي ستُصدر بعد اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (FOMC)، فإن الاحتياطي الفيدرالي سيعتمد على تقديراته الداخلية لاتخاذ قراراته.
تعكس بيانات مؤشر أسعار المستهلك لشهر نوفمبر ضغوطًا تضخمية معتدلة ولكنها تسلط الضوء على الدور المهم لعوامل التعديل الموسمي في في تحديد الاتجاه العام للتضخم. وبينما تظهر تكاليف السكن علامات على التراجع، فإن تماسك أسعار الخدمات الأساسية عند مستويات مرتفعة تظل مصدر قلق. يواجه الاحتياطي الفيدرالي مهمة صعبة في تفسير البيانات المختلطة أثناء تحديد سياسته النقدية القادمة. ومع استمرار تشوهات فترة ما بعد الجائحة في تباين توقعات التضخم، يبقى تركيز جيروم باول على تسوية الأرقام خلال الشهور الأخيرة أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
