أبرز ما جاء في نتائج اجتماع لجنة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي

الاحتياطي الفيدرالي يسلط الضوء على توجهات السياسة النقدية لعام 2025
عقدت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (FOMC) اجتماعها يوم 18 ديسمبر 2024، حيث تم مناقشة التطورات الاقتصادية واتجاهات الأسواق المالية ومسار السياسة النقدية. وفيما يلي أبرز النقاط من الاجتماع:
التطورات الاقتصادية: تباطؤ التضخم ونمو قوي
ظلت الظروف الاقتصادية في الولايات المتحدة قوية، حيث استمر الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في التوسع بوتيرة ثابتة في نهاية عام 2024. ومع ذلك، تباطأ التضخم مقارنة بالعام السابق، حيث أشار مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي (PCE) إلى زيادة سنوية بنسبة 2.3% في أكتوبر، مقارنة بـ 3.0% في 2023. كما تراجع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة، مما يعكس تقدمًا في جهود الاحتياطي الفيدرالي للسيطرة على التضخم المرتفع.
وفي سوق العمل، ظهرت بوادر على تراجع تدريجي في أوضاع سوق العمل، حيث ارتفع معدل البطالة إلى 4.2% في نوفمبر، لكنها تظل عند مستويات تاريخية منخفضة، مما يعكس مرونة في نشاط التوظيف رغم التحديات المستمرة مثل الإضرابات العمالية والكوارث الطبيعية.
السياسة النقدية: خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية
صوتت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية لصالح خفض معدل الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى نطاق 4.25% - 4.50% يوم 18 ديسمبر 2024 هذا القرار يعكس التزام اللجنة بموازنة جهود السيطرة على التضخم مع الحفاظ على زخم النمو الاقتصادي. ومع ذلك، عارضت عضو واحد هاماك هذا القرار، حيث رأت ضرورة الإبقاء على المعدلات الحالية لضمان عودة التضخم إلى الهدف البالغ 2% في الوقت المناسب.
وأشارت اللجنة إلى تفاؤل حذر بشأن عام 2025، مع توقعات بتباطؤ وتيرة خفض الفائدة مقارنة بعام 2024. ويتوقع المشاركون في السوق خفضًا إجماليًا بمقدار 50 نقطة أساس خلال 2025، لكن حالة من عدم اليقين لا تزال تلوح بسبب التغيرات المحتملة في السياسات التجارية والمالية والهجرة.
أسواق السندات والريبو: استقرار وسط التحديات
كشفت نتائج الاجتماع أن عوائد سندات الخزانة الأمريكية ارتفعت بشكل طفيف منذ منتصف سبتمبر 2024، مدفوعة بارتفاع العوائد الحقيقية. واستمرت استخدامات اتفاقيات إعادة الشراء العكسي (ON RRP) في الانخفاض بسبب زيادة جاذبية أذون الخزانة، لكن من المتوقع أن ترتفع مجددًا بفعل ديناميكيات نهاية العام.
ولمواجهة الضغوط المحتملة في أسواق الريبو خلال نهاية العام، يخطط الاحتياطي الفيدرالي لإضافة مزادات إضافية ضمن مرفق الريبو الدائم (SRF) لتحسين أداء السوق.
التباين العالمي: قوة الدولار الأمريكي
على الصعيد الدولي، من المتوقع أن تستمر البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة في خفض معدلات الفائدة خلال عام 2025 بوتيرة سريعة، على عكس الولايات المتحدة. وقد ساهم هذا التباين في تعزيز قوة الدولار الأمريكي، مما أثر على التجارة والأسواق المالية عالميًا. بينما يستمر التضخم في التراجع في العديد من الاقتصادات الأخرى، تواجه مناطق مثل أمريكا اللاتينية ضغوطًا تضخمية نتيجة لانخفاض قيمة العملة.
التوقعات والمخاطر التضخمية
على الرغم من تباطؤ التضخم، لا يزال الاحتياطي الفيدرالي حذرًا. وأقر المشاركون بوجود ضغوط تضخمية مستمرة في قطاعات مثل الإسكان والقطاع الخدمي. وأشاروا إلى مخاطر تباطؤ وتيرة انخفاض التضخم، بالإضافة إلى اضطرابات جيوسياسية قد تدفع التضخم للارتفاع. ومع ذلك، يتوقع معظم الأعضاء أن يقترب التضخم تدريجيًا من الهدف 2% خلال السنوات القادمة.
نظرة إلى المستقبل: التزام بالثنائية
أكد الاحتياطي الفيدرالي التزامه بتحقيق التوظيف الكامل واستقرار الأسعار. وأبدى الأعضاء استعدادهم لتعديل السياسة النقدية بناءً على تطورات الظروف الاقتصادية، مع التركيز على ضمان استمرار تقدم التضخم مع الحفاظ على النمو الاقتصادي. كما تخطط اللجنة لمواصلة تخفيض حيازاتها من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري بطريقة محكمة.
وأخيرًا يبرز اجتماع ديسمبر 2024 للجنة السوق المفتوحة الفيدرالية كلحظة محورية للاحتياطي الفيدرالي في ظل بيئة اقتصادية متقلبة. ومع ظهور إشارات على تحسن التضخم، لكن بقائه فوق الهدف، واستمرار نمو الاقتصاد بقوة، تواجه اللجنة مهمة صعبة لإدارة خفض الفائدة في 2025 دون إعادة دفع الضغوط التضخمية للارتفاع. ومع تكيف الاقتصاد العالمي مع سياسات نقدية متباينة، ستظل مسارات الدولار الأمريكي وأسواق السندات محط الأنظار.
من المقرر أن يُعقد الاجتماع القادم للجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في الفترة من 28 إلى 29 يناير 2025، حيث سيقوم صانعو السياسة بإعادة تقييم التوقعات الاقتصادية وتقديم توجيهات إضافية بشأن مسار السياسة النقدية للولايات المتحدة.