تحليل السياسات النقدية للفيدرالي الأمريكي في ظل التطورات الاقتصادية والإدارة الجديدة

تحليل السياسات النقدية للفيدرالي الأمريكي في ظل التطورات الاقتصادية والإدارة الجديدة
أبقى الفيدرالي الأمريكي على معدل الفائدة دون تغيير عند 4.5% كالمتوقع كما أشار بيان الفائدة الصادر عن الفيدرالي الأمريكي بالأمس إلى أن البيانات الاقتصادية الأخيرة تشير لاستمرار نمو النشاط الاقتصادي بوتيرة قوية، مع استقرار معدل البطالة عند مستويات منخفضة وأوضاع سوق عمل جيدة، رغم استمرار التضخم عند مستويات مرتفعة نسبيًا. وبناءً على هذه المعطيات، قررت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) الإبقاء على النطاق المستهدف لسعر الفائدة الفيدرالية عند 4.25% - 4.5%، مع الإبقاء على نهج حذر فيما يخص أي تعديلات مستقبلية.
موقف الفيدرالي من التضخم وسوق العمل
يسعى الفيدرالي إلى تحقيق الحد الأقصى من التوظيف واستقرار التضخم عند 2% على المدى الطويل. وفي ظل المخاطر المتوازنة لتحقيق هذه الأهداف، يظل موقف الفيدرالي مرهونًا بتقييم البيانات الواردة وتطورات المخاطر الاقتصادية. اللجنة أكدت التزامها بمواصلة تخفيض حيازاتها من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، مما يشير إلى استمرار التشديد النقدي التدريجي.
في تقييم السياسة النقدية، يراقب الفيدرالي عن كثب تطورات سوق العمل، ضغوط التضخم، التوقعات التضخمية، والتطورات المالية والدولية. وإذا ظهرت مخاطر تعيق تحقيق أهدافه، فسيكون الفيدرالي مستعدًا لتعديل سياسته وفقًا للمعطيات الجديدة.
تأثير الإدارة الأمريكية الجديدة على قرارات الفيدرالي
رغم عدم تعليق جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، على تصريحات الرئيس الجديد، فإن سياسات الإدارة الجديدة بقيادة دونالد ترامب قد تشكل تحديات إضافية للفيدرالي، خاصة مع مطالبة ترامب بتخفيض أسعار الفائدة بشكل كبير.
أبرز التحديات التي قد تؤثر على السياسة النقدية تشمل:
- التعريفات الجمركية: تهديد ترامب بفرض رسوم جديدة على الصين، المكسيك، وكندا قد يزيد من الضغوط التضخمية، مما يعقّد جهود الفيدرالي في احتواء التضخم.
- السياسات المالية والضريبية: تأثير الإجراءات الضريبية أو التحفيزات المالية على النمو الاقتصادي والتضخم.
- الهجرة والتنظيمات المالية: تأثير سياسات الهجرة والتنظيم المالي على سوق العمل والاستثمار.
ورغم الضغوط السياسية، أكد باول أن الفيدرالي سيواصل عمله باستقلالية تامة، مشددًا على أن قرارات السياسة النقدية ستظل مبنية على البيانات الاقتصادية، وليس الاعتبارات السياسية.
التضخم والآفاق المستقبلية للفائدة
التضخم لا يزال يمثل معضلة أساسية للفيدرالي. فبينما أظهر مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) تحسنًا طفيفًا في ديسمبر، فإن القراءة المرتقبة لمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي (PCE) قد توفر إشارات أوضح حول الاتجاه العام للأسعار. يتوقع الاقتصاديون أن يسجل المؤشر السنوي 2.8% في ديسمبر، مما يعكس تباطؤًا نسبيًا لكنه لا يزال بعيدًا عن المستهدف البالغ 2%.
يبدو أن الفيدرالي يتبنى نهجًا أكثر حذرًا تجاه تخفيض أسعار الفائدة، خاصة بعد خفضها بنسبة 1% في أواخر العام الماضي. التوقعات تشير إلى تخفيضين فقط لأسعار الفائدة في 2025 بدلًا من الأربعة التي كانت متوقعة سابقًا.
خلاصة وتوقعات الأسواق
- الفيدرالي لا يزال متمسكًا بسياسته الحذرة رغم التقدم الطفيف في احتواء التضخم.
- الضغوط السياسية من إدارة ترامب قد تزيد من تعقيد قرارات السياسة النقدية، خاصة مع التهديد بفرض تعريفات جديدة.
- الأسواق تترقب بيانات التضخم القادمة لتحديد المسار المستقبلي للفيدرالي، مع احتمالية بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول من المتوقع.
- الاستقلالية المؤسسية للفيدرالي ستكون محورًا أساسيًا في مواجهة الضغوط السياسية، وهو ما أكده باول بوضوح.
في ظل هذه التطورات، ستظل الأسواق المالية حذرة ومترقبة لأي تغييرات في السياسة النقدية، حيث سيعتمد مسار الفيدرالي بشكل أساسي على البيانات الاقتصادية القادمة وردود الفعل السياسية المستمرة.
مع ملاحظة أن أهم ما قاله بأول خلال المؤتمر الصحفي هو أن الفيدرالي لن ينتظر وصول التضخم للنسبة المحددة 2% حتى يقوم بخفض آخر للفائدة، الأمر الذي أدى إلى تزايد الضغوط البيعية على الدولار وزيادة الطلبات الشرائية على الذهب.