أول مراجعة لاستراتيجية الفيدرالي منذ 5 سنوات: هل أخر التركيز على التوظيف استجابته للتضخم؟
في أول مراجعة رسمية لاستراتيجية الفيدرالي منذ خمس سنوات، يواجه مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي سؤالًا هامًا تناوله الكثيرون خارج المؤسسة: هل تسببت أهدافهم الطموحة لتعافي سوق العمل بعد الجائحة في تأخير استجابتهم لارتفاع التضخم؟
بالنسبة لكثير من الاقتصاديين، الإجابة واضحة: نعم. حيث أن تحديث إطار صنع السياسات للفيدرالي الأمريكي في 2020 عكس تحولًا في الأولويات نحو تعظيم التوظيف على حساب احتواء التضخم.
لكن آخرين، بمن فيهم رئيس الفيدرالي جيروم باول، يجادلون بأن هذا الاستنتاج مبني على سوء فهم للاستراتيجية.
2020.. نقطة تحول في سياسة الفيدرالي
منذ عام 2012، يوافق الفيدرالي سنويًا على وثيقة تعرف باسم "بيان الأهداف طويلة الأجل واستراتيجية السياسة النقدية"، والتي تحدد منهجية تحقيق هدفيه الأساسيين: استقرار الأسعار وتعظيم التوظيف.
في أغسطس 2020، أجرى الفيدرالي أول مراجعة شاملة لهذه الاستراتيجية، وكان ذلك في سياق أزمة اقتصادية شديدة، حيث كانت البطالة فوق 10%، والتضخم أقل بكثير من هدف الـ 2%، بجانب احتجاجات كبرى على عدم المساواة العرقية بعد مقتل جورج فلويد.
في تلك المرحلة، أعلن الفيدرالي إعادة تعريف هدفه للتوظيف، حيث قرر أنه لن يتصرف استباقيًا إلا عند حدوث "نقص" في الحد الأقصى للتوظيف، أي في حالات البطالة المرتفعة، دون القلق من أن البطالة المنخفضة جدًا قد تؤدي إلى تضخم لاحق.
كما أقر بأن هدف التوظيف يجب أن يكون "شاملًا وواسع النطاق"، مما أشار إلى التزامه بدعم فئات العمال المهمشين.
هل كانت هذه الاستراتيجية خطأ؟
بعض الاقتصاديين المؤثرين يعتقدون أن هذا التحول كان خطأ كبيرًا.
كريستينا رومر، التي كانت مستشارة اقتصادية للرئيس أوباما، وزوجها ديفيد رومر، نشرا ورقة بحثية تؤكد أن الفيدرالي تبنى "تفسيرًا مفرطًا" لهدف التوظيف الأقصى، مما منعه من رفع الفائدة في 2021 عندما بدأ التضخم في التسارع.
مايكل كيلي، نائب مدير قسم الاستقرار المالي في الفيدرالي، كتب بحثًا آخر يوضح أن هذا النهج زاد من تقلبات الاقتصاد وخلق ضغوط تضخمية زائدة.
جيروم باول يدافع عن نهج الفيدرالي
باول لا يتفق مع هذه الانتقادات، حيث قال في مؤتمر صحفي يوم 29 يناير إن تأخر الفيدرالي في الاستجابة للتضخم عام 2021 كان بسبب الاعتقاد بأن ارتفاع الأسعار سيكون مؤقتًا.
"لماذا نريد أن نضع الناس في البطالة بدون دليل على أن مستوى التوظيف الحالي غير مستدام؟"
لكن الفيدرالي قد يضطر إلى إعادة النظر في استراتيجيته خلال مراجعته الجديدة في 2025، والتي بدأت المناقشات حولها في يناير ومن المتوقع أن تنتهي بحلول الصيف.
السياسة النقدية في عهد ترامب وتأثيرها على الفيدرالي
الإدارة الأمريكية الجديدة أصدرت أوامر تنفيذية لإيقاف برامج التنوع والمساواة داخل الوكالات الفيدرالية، مما قد يهدد اللغة المستخدمة في بيان الفيدرالي حول "التوظيف الشامل".
إلى أين تتجه السياسة النقدية؟
الفيدرالي قد يحاول تحقيق توازن بين دروس أزمة 2008، حيث ظل التضخم منخفضًا والبطالة مرتفعة لسنوات، وما حدث بعد الجائحة، حيث شهد الاقتصاد انتعاشًا سريعًا في سوق العمل لكن مع تضخم قوي.
في عام 2023، انخفض معدل البطالة لمستويات قياسية لم تشهدها أمريكا منذ 50 عامًا، مما أفاد العمال الأقل دخلًا والفئات المهمشة.
لكن هذه المكاسب بدأت في التراجع مع استمرار الفيدرالي في رفع الفائدة لاحتواء التضخم.
تشارلز إيفانز، الرئيس السابق للفيدرالي في شيكاغو، يحذر من أن التشدد في السياسة النقدية الآن قد يأتي على حساب الوظائف واستدامة سوق العمل.
مراجعة الفيدرالي في 2025 قد تعيد ضبط السياسة النقدية بناءً على ما تعلموه من التجارب السابقة.
لكن التحدي الرئيسي هو: كيف يمكن للفيدرالي تحقيق استقرار الأسعار دون التضحية بتعافي سوق العمل؟ هذا ما سوف يكشف عنه الفيدرالي الأمريكي في اجتماع شهر مارس المقبل والذي من المتوقع أن يشهد نبرة تشددية خاصة بعد تسارع وتيرة التضخم إلى 3% مواصلًا الابتعاد عن هدفه 2% لعدة شهور متتالية.
